بسم الله الرحمن الرحيم
العراق هو مهد العلوم والحضارات حيث أجمع المؤرخون على مدى العصور بأن العراق قد تعاقبت عليه حضارات قد أورثت العالم علوم الفلك والرياضيات وغيرها من العلوم التي كانت وما زالت تسهل حياة الناس، ومن الحضارات القديمة التي اعتنت بهذه العلوم هم الاكديون والبابليون والاشوريون والكلدان، ومن جاء بعدهم من الدول والسلالات التي حكمت أرض السواد.
وفي العقود الأخيرة من تاريخ العراق بدأ الإهتمام بعلوم الفضاء والفلك مبكرا ومن قبل أكثر من خمسة عقود حيث نذكر على سبيل المثال لا الحصر بعض الأمثلة، ففي تقرير لقناة الجزيرة العربية مقال منشور عام 2021 يبين بأن العراق قبل 32 عاما وفي أول تجربة عربية قام باطلاق صاروخ العابد إلى الفضاء وهو يعد أول صاروخ عربي يستطيع حمل أقمار صناعية، كما يعد من الصواريخ الاستراتيجية ذات مدى ألفي كيلومتر، وهو في الأساس مخصص للاتصالات والاستطلاع، أي أن العراق قبل 3 عقود قد تمكن من صناعة أول صاروخ عربي قادر على حمل الأقمار الصناعية إلى مداراتها في الفضاء الخارجي، وذلك بقدرات عراقية وبجهود محلية في حينها. وبعد تجربتين فاشلتين، أعلن العراق نجاح إطلاق الصاروخ اختباريا في 5 ديسمبر/كانون الأول 1989 من قاعدة الأنبار الجوية، لتدخل البلاد مضمار الفضاء.
وفي يونيو/حزيران 2014 أطلق العراق القمر الصناعي دجلة سات (TigriSat) وقد انجز هذا القمر بالتعاون مع جامعة لاسبيانزا الإيطالية حيث التحقت بعثة تتكون من موظفي ثلاث وزارت عراقية في دورة لمدة 14 شهرا يمنحون على اثرها درجة الماجستير حول تكنولوجيا الاقمار الصناعية. هذا القمر مخصص للأغراض البحثية في مجال التصحر والغبار، ويلتقط القمر صورا حية ويرسلها لقاعدة أرضية تأخذ على عاتقها تحليل معطياتها والاستفادة منها كما ينقل الصور إلى اثنتين من المحطات الأرضية، واحدة تقع في روما وأخرى في بغداد. تم الإطلاق من منطقة يازني الفضائية في جمهورية روسيا الاتحادية وعلى متن الصاروخ دنيبر يوم الخميس الموافق 19/6/2014 وقد اعلنت وزارة العلوم والتكنلوجيا في 11/7/2014 عن تسلم أولى إشارات القمر الصناعي العراقي الأول دجلة سات (TigriSat)، من قبل المحطة الأرضية المعدة لذلك في بغداد، مؤكدة أن ذلك شجعها على دراسة إمكانية إطلاق قمر صناعي أكبر حجماً.
وفي عام 1990 بدأ التوجه العلمي الدقيق لبناء كوادر علمية متخصصة في علوم الفضاء والفلك من خلال وحدة بحوث علمية ارتبطت بمجلس البحث العلمي انذاك وتم ربطها بكلية العلوم جامعة بغداد، وقد ارتبطت ادارياً بعمادة الكلية وعلمياً بقسم الفيزياء، وفي العام 1998 تم استحداث قسم علوم الفلك والفضاء بدلاً من وحدة بحوث الفلك، وأصبح أحد الأقسام العلمية التابعة لكلية العلوم، ويعد القسم الوحيد من نوعه في الجامعات العراقية الذي يمنح شهادة اكاديمية في علوم الفضاء والفلك ومنذ ذلك الحين بدأ القسم بمنح شهادة البكالوريوس في مجال علوم الفضاء والفلك والتي تؤهل خريجي القسم للعمل في كافة المجالات المتعلقة بهذا التخصص كالمراكز البحثية المتخصصة والمراصد الفلكية ومراكز الرعاية العلمية وكذلك للعمل في مجال الارصادات الفلكية وتقنيات الفضاء وتحليل البيانات والصور الفضائية ومختلف العلوم الأخرى المتعلقة ببرامج الفضاء والفلك المتنوعة بالإضافة إلى امتلاك الخريج الى قدرا كافيا من المعلومات التي تؤهله للعمل في مختلف المؤسسات العلمية.
كما أن القسم قد قام باستحداث تخصصات مختلفة في الدراسات العليا وخرج العديد من الطلبة من حملة الشهادات العليا (الماجستير والدكتوراه) وبالاختصاصات الاتية:
1- الفلك الراديوي
2- الفلك البصري
3-المدارات
4- الفيزياء النووية الفلكية
5-فيزياء الفلك
6-فيزياء الفضاء
ويضم القسم كادراً تدريسيا في مجال الفلك والفضاء من حملة الدكتوراه والماجستير وبمختلف المرتبات العلمية. ويسهم هذا الكادر في التدريس والإشراف على طلبة الدراسات العليا والمشاريع البحثية لطلبة المرحلة الرابعة.
وفي السنوات الأخيرة بدأت وتيرة التواصل العلمي البناء ترتفع في القسم مع مختلف المؤسسات العلمية خارج وداخل البلد منها جامعات عالمية مثل جامعة بون وكولن في المانيا وجامعة القاهرة في مصر وجامعات ومؤسسات عالمية وعربية اخرى كثيرة و كذلك أصبح القسم عضو مراقب في الاتحاد الدولي للفلك وعدد من تدريسيي القسم انضموا الى الاتحاد ومحليا تم التواصل والتعاون مع مؤسسات كثيرة منها ديوان الوقف السني وكذلك دائرة الرعاية العلمية في وزارة الشباب والرياضة التي انبثق منها فرق كثيرة شبابية رائعة مهتمة بالفلك والرصد الفلكي وجهت الشباب العراقي الى العمل العلمي البناء لرفعة المسيرة العلمية في بلدنا.
ويسعى أساتذة القسم وبالتعاون مع باحثين وأساتذة من مختلف مؤسسات الدولة الى أن يرى النور مشاريع مهمة على الصعيد القومي منها قبة بغداد الفلكية في الزوراء وكذلك السعي لإنشاء وكالة فضاء عراقية كي يأخذ العراق دوره الريادي مستقبلا في مجالات علوم وتقنيات الفضاء كما كان على مدى العصور.
أ.م.د. عبدالله كامل أحمد
رئيس قسم الفلك والفضاء